ابن الهيثم (4)..رائد علم البصريات ... للكاتب د.علي محمد البيتي..

بسم الله الرحمن الرحيم...

ابن الهيثم (4)..رائد علم البصريات

اﻷخوة اﻷعزاء واﻷخوات الفاضﻻت.

السﻻم عليكم ورحمة الله وبركاته وصبحكم الله بكل خير مع تمنياتي لكم جميعاً بأطيب اﻷوقات وأسعدها..

موضوع يومنا هذا نواصل فيه إلقاء الضوء على إنجازات ومساهمات العلماء العرب والمسلمين وهي الحلقة الرابعة ضمن سلسلة " علماء العرب والمسلمين.. وموضوع اليوم يتعلق بأحد العلماء العظماء الذين تركوا بصمة قوية في تاريخ البشرية وهو إبن الهيثم، والموضوع على النحو التالي:

هو الحسن بن الحسن إبن الهيثم ولد في البصرة وعاش في الفترة مابين [430 - 354] هجرية الموافق [1038 - 965] ميﻻدية. عاش بدايات حياته في البصرة ثم انتقل إلى القاهرة بدعوة من الحاكم بأمر الله، وفيها عاش أغلب عمره وألف معظم كتبه. حرص على تحصيل علوم الطبيعة [الفيزياء] والفلسفة والطب والفلك والرياضيات. وقرأ كتب من تقدمه من العلماء وعمل على شرحها وتلخيصها. وبلغ عدد هذه الكتب ثﻻثة وأربعين كتاب في علم الطبيعة [الفيزياء]، وخمسة وعشرين في الرياضيات، و في الهندسة واحد وعشرين كتاب، وفي الفلك [Astronomy] سبعة عشر كتاب؛ أما في الفلسفة والمنطق [Logic] وعلم النفس والﻻهوت[Theology] واﻷخﻻق[Ethics] والنحو العربي أكثر من أربعين مؤلفا؛ حيث قدرت عدد مؤلفاته بأكثر من مائتين كتاب..

لكن عبقرية إبن الهيثم برزت وتجلت في علم الطبيعة [الفيزياء]، حيث كان له كتاب رائع وهو "المناظر"، ولقد شرح في الفصل السابع بالتفصيل وبدقة متناهية ثﻻث مسائل رئيسية:
1- تأثير انكسار الضوء عند مروره فى الطبقة الهوائية المحيطة في إدراك البعد بين كوكبين
2- تأثير انكسار الضوء في طبقة من بخار الماء ﻹدراك البعد بين كوكبين
3- أكد بأنه بصرف النظر عن تأثير انكسار الضوء فهناك تأثير عامل عارض الذي يظهر بعض اﻷوقات دون الأخرى، وهذه الظاهرة وحدها تجعل الكواكب عند اﻷفق تبدو أكبر منها وهي في وسط السماء.
وهكذا صاغ إبن الهيثم نظريته في اختﻻف البعد الظاهري بين الكواكب، وهو تفسير صحيح ومسلم به ولم يفنده أي عالم آخر من بعده حتى اﻵن..

كما ابتكر إبن الهيثم طريقة فلكية مشهورة تمكن بواسطتها من تعيين ارتفاع القطب عند أي مكان وتحديد خط عرض ذلك المكان، وهذه الطريقة مستعملة حتى يومنا هذا ولم يفندها أي عالم من بعده. هذا بالإضافة إلى أنه كان يؤمن بالعلم التجريبي ويعمل به [قبل ستة قرون من أن يبدأ به فرانسيس بيكون خﻻل عصر النهضة في أوروبا]؛؛ ومن ضمن مساهمته العلمية أنه توصل إلى قوانين صحيحة ﻹيجاد مساحات كل من القطاع والقطعة الدائرية..وهو من وصف الكاميرا بدقة من خلال مبدا القمرة المظلمة، الذي بنيت عليه الكاميرا فيما بعد..

قيل عن إبن الهيثم:
• يعتبر إبن الهيثم أحد العلماء العظماء الذين ازدهر بهم تاريخ الحضارة الإسلامية وذلك من منتصف القرن الرابع إلى منتصف القرن الخامس الهجري الموافق من منتصف القرن العاشر إلى منتصف القرن الحادي عشر الميلادي..

• إن إبن الهيثم يعد في مقدمة علماء الطبيعية [الفيزياء] التجريبية في تاريخ البشرية لما وضعه وشرحه من نظريات في اﻹبصار، قوس قزح، انعكاس الضوء، ودراساته التجريبية على تأثير ضوء الشمس، وضوء القمر، وضوء الكواكب

• إنه عالم اجتمعت فيه صفات العالم بالمعنى الحديث، على سبيل المثال: أثبت بجدارة أنه عالم الطبيعة النظرية والتجريبية والتطبيقية وذلك قبل علماء النهضة بستة قرون..

• إن أثر إبن الهيثم في علم الطبيعة ﻻيقل عن أثر إسحاق نيوتن في علم الميكانيكا، فإن أعتبر نيوتن رائدا لعلم الميكانيكا في القرن السابع عشر الميلادي فإن إبن الهيثم رائداً لعلم الضوء في القرن الحادي عشر الميلادي..

وقد أطلق اسمه على فجوة بركانية على سطح القمر تكريما له، كما أطلق اسمه في عام 1999م على كويكب جديد اكتشف حديثا، وفي باكستان أطلق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة اغاخان ... وفي ثمانينات القرن الماضي وضع اسمه على الدينار العراقي، وأطلق اسمه على إحدى المنشآت البحثية في العراق في ذلك الوقت...

• هو أول من فكر في إقامة السد العالي في مصر، حيث قال حينما كان في بغداد:"لو كنت في مصر لعملت في نيلها عملا يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة أو نقصان"

طابت اوقاتكم وﻻتنسونا من صالح دعائكم.

والله من وراء القصد.

د.علي محمد البيتي..
30 سبتمبر 2015م