بقلم : سياف الغرباني
بتأديته اليمين الدستورية أمام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بناء على قرار تعيينه سفيرا ومفوضا فوق العادة للجمهورية اليمنية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ..يكون السفير أحمد علي عبدالله صالح قد قدم دليل إضافي على كونه جندي وقف حياته لخدمة الدولة اليمنية – ولا غير الدولة- في الوقت والمكان اللذان تحددهما القيادات السياسية المتعاقبة على رئاسة الجمهورية.
ورغم
ذهاب البعض إلى القول أن قرار تعيينه سفيرا لليمن في الإمارات الشقيقة حمل
معاني مختلفة اقلها القضاء على مشروعه السياسي؛ إضافة إلى أن أية محاولة
لرفض المنصب سيتم التعامل معها كرفض وإعاقة للتسوية السياسية، إلا أن
السفير أحمد علي أكد أنه يراهن على مشروع جديد لخدمة اليمن مدنيا، كما
خدمها عسكريا. في وقت أعلن الانتقال للعمل المدني، الذي يتطلب الكثير من
الجهود لإخراج الواقع اليمني من صراعات السياسية إلى ميدان التنمية وخدمة
الشعب.
واتسمت مواقف السفير أحمد علي عبدالله
صالح بالمسئولية والنضج، منذ وقت مبكر من عمر الأزمة السياسية، وكذا
بالانحياز لسلطة الدولة وقوانينها، وظلت مثار جدل في الأوساط اليمنية
المختلفة، لاسيما مع الانضباط الكبير الذي تحلى به وتصرفه بمسئولية في أحلك
الظروف، في وقت عمدت بعض الأطراف إلى استخدام كل وسائل الاستفزاز في
محاولة منها لجره إلى مربع التصادم.
وفي وقت
سابق، نجح احمد علي بالحصافة التي عرف بها، في تعرية خصومه، وإظهارهم على
حقيقتهم أمام الرأي العام دون رتوش، حيث اكتفى بالقول صباح اليوم التالي
لقرار إلغاء قوات الحرس :" نحن مدنيون ولا يحق لنا الحديث في شئون الجيش"،
وذلك ردا على سؤال حول قرار إقالته وإلغاء قوات الحرس الجمهوري.
في
وقت كان يتوقع علي محسن الأحمر وحلفاؤه القبليون والدينيون تمرد العميد
أحمد علي، على قرارات 19 ديسمبر المتضمنة إلغاء الفرقة والحرس وإعادة توزيع
الجيش بتقسيمات جديدة.. ومن هذا المنطلق بنا الأحمر وحلفاؤه موقفهم
المبدئي من تلك القرارات، إذ سارعوا إلى مباركتها وتأييدها في انتظار شروع
الطرف الآخر في التمرد، فيظهرون على أنهم سند الشرعية في وجه التمرد
المنتظر، لكن موقف أحمد علي أحدث إرباكاً كبيراً لخصومه.
وبعكس
توقعات من كانوا يراهنون على قرارات الهيكلة لوضعه في موقف المعيق للمرحلة
الانتقالية وقرارات الرئيس هادي، فقد شكلت القرارات بداية عراقيل وتمردات
من قبل الطرف الآخر المتمثل في اللواء علي محسن الأحمر الذي يحول اليوم دون
تسلم أمانة العاصمة صنعاء مقر الفرقة المنحلة والبدء في تنفيذ مشروع حديقة
21 مارس.رغم مضي أكثر من ستة أسابيع على قرار حلها وتحويلها إلى حديقة
عامة.
ورغم أن قرارات الرئيس هادي استهدفت بشكل
أكبر معسكر الرئيس السابق صالح، فقد تلقّاها المحسوبين عليه بترحاب، غير
مكترثين بتأثير خصومهم على صنع القرار السياسي والعسكري، كما استطاعوا من
خلال هذا الواقع، وضع اليمنيين وجهاً لوجه أمام معيقو التحول السياسي الذي
فرضته الاتفاقية الخليجية في اليمن.
ومقابل ظهور اللواء الأحمر أكثر من أي وقت مضى،
في صورة المعيق للتحول السياسي في البلد جراء تمسكه بموقع عسكري وعدة
اشتراطات للقبول بقرارات الرئيس،إلى جانب تلكؤه دون تسليم أرضية الفرقة،
أبدا العميد أحمد علي عبدالله صالح لياقة كبيرة في التعامل مع القرارات،
إذ سرعان ما غادر منصبه فور صدور قرار رئاسي بذلك، دون أية اشتراطات تذكر.
وأثبت أحمد علي من خلال عمله السابق كقائد لقوات
الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، أنه رجل دولة من الطراز الأول، حيث تكمن
في وقت قياسي، من بناء القوات التي كان يقودها وجعلها مؤسسات نموذجية،
أكثر التزاما بالدستور والقانون وباللوائح المنظمة على أحدث وسائل الإدارة
العسكرية.
وفي رأي كثيرين فأن الانجازات والنجاحات التي
حققها أحمد علي خلال فترة عمله في السلك العسكري، وكذا اقتران اسمه العملي
بالنظام والقانون، عوامل تمكن عبرها من حيازة احترام وثقة المواطنين.
الأمر الذي جعلهم يضعونه في صورة الشخص الأكثر قدرة على تلبية تطلعاتهم
مستقبلا.
ومقابل استغلال اللواء علي محسن سنوات
الخدمة العسكرية في قيادة الفرقة الأولى والمنطقة الشمالية الغربية -سابقا-
لنهب أراضي وعقارات الدولة وبناء وتكوين إمبراطورية مالية ضخمة.. فقد كرس
العميد الركن أحمد علي عبدالله صالح جهوده طوال السنوات الماضية لبناء
وحدات الحرس الجمهوري واستطاع بمهارة فائقة أن يجعل من الحرس قوة نوعية
تضاهي نظيراتها في دول المنطقة والإقليم.
قطعاً..لم
يظهر أحمد علي عبدالله صالح على المشهد، كما ظهر اللواء علي محسن؛ بمواقف
رافضة لقرارات هادي، أو بتحالفات مشبوهة، وبعكس السفير أحمد علي يمثل
المستشار محسن العقبة الرئيسة أمام أي خطوات إصلاحية يعتزم هادي القيام
بها، ذلك أن بقاء تحالفات الأحمر مرهون باستمرار الفساد؛ لأنه الرابط القوي
بينه وبين القادة العسكريين والضباط الموالين له، كما أنه سر علاقته ببعض
القبائل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق