الأحد، 26 مايو 2013

لماذا لا يعود سجناء غوانتانامو اليمنيون إلى وطنهم؟

أكثر من نصف عدد السجناء في غوانتانامو حاليا يمنيون
جاسمين كولمان
بي بي سي
رفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحظر المفروض على ترحيل السجناء اليمنيين في معتقل غوانتنامو، وذلك في إطار خطوة جديدة لإغلاق معسكر الاحتجاز.
وقد ورد على مركز الاعتقال نحو 800 معتقل منذ إنشائه تحت إدارة الرئيس جورج بوش عام 2002 لاحتجاز "المقاتلين الأعداء" خلال الحرب في أفغانستان. وما يزال 166 شخصا معتقلين هناك.وأكثر من نصف أولئك السجناء من اليمن، وعلى وجه الدقة 89 رجلا.
واعتقل معظمهم في أفغانستان أو في مناطق حدودية منذ 11 عاما بشبهة التورط مع تنظيم القاعدة.
وهناك 56 يمنيا من بين 86 رجلا أصبح من المسموح ترحيلهم أو إطلاق سراحهم، حيث باتوا لا يشكلون تهديدا لأمن الولايات المتحدة.
وقد تم ترحيل الكثير من نزلاء من جنسيات أخرى، بينهم أوروبيون وسعوديون وأفغان، وذلك بموجب اتفاقات مع دولهم. لكن اليمنيين لم يبرحوا هذا المعتقل.

"مجازفة كبيرة"

"عاد الأوروبيون إلى أوطانهم أولا، وكذلك آخرون بذلت دولهم بعض الجهد للدفاع عنهم"، بحسب مارثا راينر، أستاذة القانون بجامعة فوردام بنيويورك التي اضطلعت بالدفاع عن سجناء يمنيين في غوانتنامو.
وتضيف مارثا "ابتُلِي اليمنيون بأنهم جاءوا من دولة حكمها ديكتاتور لسنوات عديدة، ولم تفعل ما يكفي للدفاع عن مواطنيها. ولهذا يرزح اليمنيون (رهن الاعتقال) رغم أن إدارة بوش وافقت على إطلاق سراحهم."
وفي يناير/ كانون الثاني عام 2009 أمر الرئيس أوباما بإغلاق معسكر غوانتنامو خلال عام.
ولكن في عيد الميلاد من العام نفسه، حاول عمر الفاروق عبد المطلب، وهو نيجيري تلقى تدريبا باليمن، تفجير قنبلة مخبأة بملابسه الداخلية على متن طائرة متجهة إلى ديترويت.
وفي يناير/ كانون الثاني الذي تلاه، أصدر أوباما قرارا بتجميد الإفراج عن أي محتجز يمني. وبإضافة القرار إلى القيود التي يفرضها الكونغرس، توقف فعليا الإفراج عن اليمنيين وترحيلهم.
وتقول مارثا راينر "أعتقد أن هذا كان ردا عمليا."
وتوضح بالقول "(حينها) كان قد مر عام منذ تولي أوباما السلطة، وكان منتقدوه يشحنون أنفسهم لتحديه بشأن قضية غوانتنامو وربطه بالأمن القومي."
أما ماثيو واكسمان، الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة كولومبيا والمستشار قضايا الاحتجاز سابقا بوزارة الدفاع، فيرى أن غوانتانامو قضية عالمية بدرجة أكبر.
ويوضح بقوله "خلال تلك الفترة، كانت الرؤية أن عدم الاستقرار المشوب بالعنف في اليمن يجعل عودة المعتقلين مخاطرة كبيرة جدا."
"لم يكن هناك ما يكفي من الثقة في أن الحكومة اليمنية سيكون بوسعها الحد من أي تهديدات دائمة يشكلها المحتجزون العائدون من غوانتنامو"، بحسب واكسمان.

إعادة التأهيل

نجحت الحملة الأمنية في طرد مسلحي القاعدة خارج أبين
وأثناء الثورة اليمنية في عام 2011، حصلت القاعدة على موطئ قدم، حيث سيطرت على بلدات معظمها بمحافظة أبين جنوب غربي البلاد.
وقاد الرئيس اليمني الحالي، عبد ربه منصور هادي، عملية عسكرية مدعومة من الولايات المتحدة ضد التنظيم في صيف عام 2012، وهو ما اضطر المتمردين للخروج من أبين.
ولكن وجود المتشددين في البلاد استمر وازداد عددهم من عدة مئات بين عامي 2009 و2010 - بحسب التقديرات - إلى عدة آلاف يعتقد أنهم ما زالوا ناشطين في 2013.
وشاعت التفجيرات الانتحارية والاغتيالات التي تستهدف قوات الأمن والجيش. وتزايدت المشاعر المناهضة للأمريكيين بفعل التمرد الحوثي والغارات التي تشنها طائرات أمريكية بلا طيار.
وهذا الاضطراب - بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية وخدمات إعادة التأهيل في اليمن - يعني أن المحتجزين اليمنيين في غوانتانامو لن يعودوا إلى بلدهم قريبا.
جدير بالذكر أن سعيد الشهري، سجين غوانتنامو السابق الذي أعيد إلى السعودية، أصبح لاحقا عضوا بارزا في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي ينظر له باعتباره أكبر تهديد للبلاد.
ويخشى مسؤولون أمريكيون من أن يتجه سجناء آخرون - اعتنقوا أفكارا متشددة في المعتقل أو قبل اعتقالهم - للقتال في صفوف القاعدة بمجرد الإفراج عنهم.
ومع ذلك، قال الرئيس الأمريكي يوم الخميس "أرفع تجميد ترحيل المعتقلين إلى اليمن حتى نتمكن من مراجعة كل حالة على حدة. وبقدر المستطاع سنرحل المحتجزين المسموح لهم بالذهاب إلى دول أخرى."
وتعتقد مارثا راينر أن هذه الخطوة مرتبطة بإضراب نحو مئة من النزلاء عن الطعام، في تحرك جذب اهتماما من شتى أرجاء العالم.
وتقول مارثا "أعتقد أن الإضراب عن الطعام جعل إدارة أوباما ترفع مرتبة (قضية) غوانتانامو في قائمة أولوياتها."
لكن ويلز بينيت، الخبير في قانون الأمن القومي بمعهد بروكينغز، يقول إن القرار بمثابة إشارة على زيادة ثقة الولايات المتحدة في الحكومة اليمنية.
ويستطرد قائلا إن "هذا قد يعني أن الإدارة بدأ شعورها يتجه نحو الإيجابية بدرجة أكبر بشأن الأمن."
ومع ذلك، يتفق محللون على أن هناك عقبات مازالت قائمة من قبيل الضوابط الصارمة التي يفرضها الكونغرس، وهو ما يعني أن المعتقلين اليمنيين في غوانتنامو قد لا يتم الإفراج عنهم أو ترحيلهم قريبا.
ويتوقف الأمر على مقدار الجهد الذي لدى إدارة أوباما استعداد لبذله في هذا المضمار.
وتقول مارثا "آمل أن يتمكن بعض اليمنيين من العودة لوطنهم ولكني أعتقد أن العدد سيكون قليلا."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق