الاثنين، 20 يناير 2014

إدارة أوباما وتحديات إغلاق معتقل غوانتانمو

Close Detention Facility at Guantanamo Bay سيسلي هيلاري
ترجمة بديعة منصوري

طلبت إدارة الرئيس أوباما من الكونغرس أكثر من 450 مليون دولار لتحسين والحفاظ على  معتقل غوانتانمو، حتى وإن كان الرئيس باراك أوباما يبحث عن سبل لإغلاق السجن بعد 11 عاما على فتحه في قاعدة أميركية في كوبا.

وكان أوباما قد تعهد بإغلاق مركز الاعتقال عندما كان مرشحا للرئاسة عام 2008، وكرر موقفه هذا في عدة مناسبات بعد توليه المنصب، لكن خلافات بين الديموقراطيين والجمهوريين حالت دون ذلك حتى الآن.

ومنذ فتح المعتقل عام 2002، تم احتجاز حوالي 780 مشتبها فيهم
بالانتماء إلى تنظيم القاعدة وحركة طالبان، تم الإفراج أو تسليم أكثر من 600 منهم إلى دول أخرى خلال السنوات الماضية، وكثير منهم لم يتم توجيه أي تهم رسمية إليهم. ويقيم في المعتقل في الوقت الراهن 166 مشتبها به.

"غوانتانمو وصمة عار"

كان الرئيس أوباما قد قال الشهر الماضي إن "غوانتانمو ليس ضروريا للحفاظ على أمن أميركا"، مضيفا أنه "مكلف. إنه غير ناجع. يضر بنا من حيث موقعنا الدولي. يقلل من تعاون حلفائنا في جهود مكافحة الإرهاب. إنه وسيلة يستخدمها المتشددون لتجنيد الشباب. ينبغي إغلاقه".

وكان المدعي العام العسكري السابق في غوانتانمو موريس ديفيس قد تقدم بعريضة إلى البيت الأبيض عليها أكثر من 370 ألف توقيع تطالب بإغلاق المعتقل على الفور. وقال ديفيس وهو عقيد سابق في سلاح الجو الأميركي، إن السجن "وصمة عار في سجل أميركا".

وأضاف في مقابلة مع إذاعة صوت أميركا أن من بين المعتقلين الـ166، هناك 86 تمت الموافقة على نقلهم، مما يعني أن فرقة عمل مشتركة تضم وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ووزارة العدل، ومكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، وافقت بالإجماع على أن هؤلاء الـ86 رجلا لم يرتكبوا أي جرم، "ونحن لا نعتزم توجيه أي تهم إليهم، كما أنهم لا يشكلون أي خطر علينا ونحن لا نريد الاحتفاظ بهم". لكنه أردف قائلا "ومع ذلك فإنهم لا يزالون هنا، عاما بعد عام بعد عام".

لماذا لم يتحرك أوباما؟

ومما يزيد الضغوط على الرئيس أوباما، إضراب عن الطعام الذي بدأه كثير من معتقلي غوانتانمو قبل أكثر من ثلاثة أشهر. وكثير من هؤلاء يتم إطعامهم بالقوة حتى لا يموتون جوعا.

فلماذا لم يتحرك الرئيس الأميركي من أجل إغلاق المعتقل خلال أكثر من أربع سنوات وستة أشهر له في السلطة؟ خصوصا بعد أن وجهت إليه انتقادات شديدة في هذا الخصوص، في حين ألقى المدافعون عن أوباما باللوم على أعضاء الكونغرس المنتمين إلى الحزب الجمهوري أو أشاروا إلى أن إغلاق المعتقل أمر سهل بالقول وليس بالفعل.

وقال ديفيس، الذي شغل منصب المدعي العام العسكري في غوانتانمو ما بين 2005 و2007، إن 56 من المعتقلين الحاليين يحملون الجنسية اليمنية وكان مقررا أن يعودا إلى وطنهم منذ عدة سنوات. وأوضح أن نقلهم منع في أعقاب محاولة تفجير طائرة فوق ديترويت بولاية ميشيغن عشية عيد الميلاد عام 2009.

وتابع ديفيس، الذي يدرّس القانون حاليا في جامعة هاورد في العاصمة الأميركية، قائلا "عندما تبين أن العملية تم التخطيط لها في اليمن، تراجعنا عن قرار" الإفراج عن المعتقلين اليمنيين.

إغلاق غوانتانمو

من جهة أخرى، قال ديفيس إن عددا من أعضاء الكونغرس جعلوا من إغلاق المعتقل "أمرا صعبا"، لكن ليس مستحيلا، مشيرا إلى أنه ينبغي إرسال اليمنيين إلى وطنهم فورا فيما ينبغي توزيع المعتقلين بين من ستتم محاكمتهم أمام اللجنة العسكرية أو محاكم فدرالية ومن سيتم إرسالهم إلى أوطانهم.

وأوضح أن "هناك بندا في قانون تفويض الدفاع الوطني يسمح لوزير الدفاع بأن يشهد رسميا أن معتقلين، على أساس كل قضية على حدة، لا يشكلون تهديدا للولايات المتحدة ولن يقوموا بأي ضرر وأن إرسالهم إلى بلدانهم أمر آمن".

لكن ديفيس قال إن البيت الأبيض لم يلجأ إلى البند خوفا من أن يقرر  أحد المعتقلين المفرج عنهم حمل السلاح ضد الولايات المتحدة في وقت لاحق. وأضاف "إذا تمت إعادة المعتقلين الـ86، فإن واحدا من تلك المجموعة سيقوم بعمل أحمق في وقت ما مستقبلا، لذلك فإن الرئيس لا يريد إقحام اسمه إذا حدث ذلك بالفعل".

وقد أصدرت مؤسسة New America في الآونة الأخيرة دراسة حول المعتقلين السابقين في غوانتانمو لمعرفة كم منهم حمل السلاح منذ إطلاق سراحه. فتوصلت الدراسة إلى أن 8.5 في المئة منهم عادوا إلى ساحات المعارك.

بيد أن ديفيس قال إن "ذلك غير كاف لإبقائهم قيد الحجز إلى الأبد ومن دون توجيه تهم إليهم"، مضيفا أن هذا الخيار "برأيي في الأساس يتعارض مع القيم الأميركية، ولأنه يعني أننا مستعدون لمواصلة حبس 166 شخصا حتى آخر عمرهم لأن 8.5 في المئة منهم ربما يقررون القيام بعمل غبي".

وأشار ديفيس إلى أن تكلفة إبقاء المعتقل الواحد في غوانتانمو تتراوح بين 800 ألف و900 ألف دولار كل عام، في حين أن نقلهم إلى سجون أميركية تخضع لحراسة قصوى سيكلف حوالي 32 ألف دولار في العام عن كل سجين.

بدائل لغوانتانمو؟

في المقابل، قال ألبرتو غونزاليس وزير العدل في إدارة الرئيس بوش، إن هناك أسبابا وجيهة وراء عدم إغلاق المعتقل الأميركي في كوبا. وأوضح أن المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة تتمثل في "عدم وجود أي بديل قابل للتطبيق في الوقت الراهن، ولأن الحاجة لاحتجاز محاربين أعداء عقب إلقاء القبض عليهم في مكان ما، ما زالت قائمة. إننا نحتاج إلى إبقاء غوانتنامو مفتوحا".

وتابع غونزاليس الذي يعارض نقل معتقلي غوانتانمو إلى سجون داخل الأراضي الأميركية "أعتقد أن لدينا القدرة على توفير الأمن لهؤلاء الأفراد وللمناطق المحيطة بالمعتقل". وأضاف "لكن الحقيقة هي أن نقلهم إلى مركز آخر مثل سجن يخضع للحراسة القصوى، فإن هذا النوع من السجون ستصبح الرمز الجديد للاضطهاد الأميركي، لأنني أعتقد أن العدو أظهر أنه سيستخدم أي شيء كوسيلة لتجنيد أشخاص في صفوفه".

وقال الوزير السابق الذي يعارض أيضا محاكمة المعتقلين المتهمين بالإرهاب داخل الأراضي الأميركية "بمجرد ما يجلبون إلى الولايات المتحدة، قد يصبح لديهم مخططات إضافية ضد هذا البلد".

قضايا قانونية وأخلاقية

ويعارض غونزاليس مزاعم إدارة أوباما بأن استمرار المعتقل يضعف الموقف الأميركي أمام المجتمع الدولي ويضر بجهود مكافحة الإرهاب.

وقال في هذا الإطار "السبب وراء شعور البعض بالقلق إزاء غوانتانمو هو أنهم لا يتفقون مع فكرة أن بإمكان دولة ما احتجاز أشخاص إلى أجل غير مسمى ودون توجيه أي تهم إليهم"، لكن ذلك يتجاهل بالطبع تقليدا قائما منذ وقت بعيد، وعقيدة قائمة في القانون الدولي تقول إنه بموجب قوانين الحرب فإن بإمكان الدول التي تلقي القبض على أشخاص يقاتلونها أن تحتجز هؤلاء ما دام الصراع قائما".

وأوضح غونزاليس أن الانطباعات السلبية حول غوانتانمو مبنية على تصورات قديمة، مشيرا إلى أن مركز الاعتقال في حالة جيدة إن لم يكن في حالة أفضل من بعض السجون داخل الأراضي الأميركية، حسب قوله.

وأوضح غونزاليس أن الرئيس بوش قرر أن أولى أولوياتنا هي منع وقوع هجوم آخر، ومنع إزهاق الأرواح، أما الأولوية الثانية فهي مثول المتورطين في اعتداءات ضد أميركيين إلى العدالة، مضيفا أن "الرئيس السابق كان يدرك أن بعض الإجراءات التي اتخذناها والتي نجحت في حماية الشعب الأميركي، ستشكل تحديات إضافية للمدعين عندما يريدون تقديم المعتقلين إلى العدالة في وقت لاحق".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق